13 نوفمبر 2011
منذ تم تعيين اللجنة الملكية المستقلة لتقصي الحقائق في أحداث فبراير و مارس 2011، توجهت إلى رئيس اللجنة السيد بسيوني الأنظار و الألسن و المقالات. حاول البعض النيل من استقلاليته و الضرب في مصداقيته أو تعليقها على على ما يصدر عن تقريره الموعود في الثالث و العشرين من الشهر الجاري. الكثيرون يترقبون هذا التقرير، فالقيادة تعول عليه و الشعب ينتظره و الجمعيات تترقبه. بدورها الدول الأخرى المتابعة و المهتمة بالشأن البحريني تنتظر منه الكثير. فقد علقت عليه هيلاري كلينتون في الأسبوع الماضي و كأنما تشير إلى أنه يجب أن يكون نقظة التحول في الشأن الداخلي لإنهاء الأزمة.
اليوم و قد فرغ الجميع من رسائلهم القولية و العملية الموجهة إلى السيد بسيوني، لا يفوتني أن أوجه بعض ما أعرفه للسيد بسيوني عما عرفته و عاينته. فقد قرأت في صحيفة الأيام بتاريخ 21 سبتمبر 2011 الكلام حول زيارة لجنة تقصي الحقائق للمساجد المتعرضة للتدمير الجزئي و الكلي، و أتذكر كيف قيل في بعض وسائل الإعلام يوماً ما أن ما هدم إنما هدم إما لعدم وجود ترخيص أو لأنه بني في أرض غير مملوكة، و زبدة القول أنه بناء غير قانوني.
و لا أعتقد أنني أقول جديداً حين أقول أن هذا الكلام غير صحيح إجمالاً، فبعض هذه المعالم يزيد عمرها عن المائة عام. ربما لم أزرها كلها، إلا أنني أعرف بعضها. فمسجد الأمير محمد البربغي الكائن على الطريق السريع بين مدينة حمد و المنامة، هذا المسجد أمر به كل يوم صباحاً و مساءاً. كثيراً ما تتمتم زوجتي عندما نمر بجواره كما عند المزارات الأخرى، فأفهم أنها تقرأ الفاتحة. و قالت لي مرة أن أحد أجدادها قد بنى هذا المسجد.
أما جدي الشيخ إبراهيم ال مبارك المتوفى في عام 1979 فيقول عن مسجد الأمير محمد في كتابه حاضر البحرين :"في طرف عالي من الغرب، و عليه قبة بنيت في قريب العهد، ولم نعرف عنه شيئاً و لعل امارته تلك قيادة جيش كأمير زيد". أقول و عبارة جدنا عن عدم معرفة شئ عن الأمير محمد فقد تكون دالة على قدم هذا المسجد و تشييده.
اليوم نمر على نفس المكان في طريق الذهاب و العودة فتكون التمتمة بالفاتحة في نفس الموضع، الذي لم تعد قبته تشير إليه، و لكننا نعتمد على الذاكرة في معرفته.
هذا مما أعرفه يا سيد بسيوني و لا أدري إن كنت بهذا أعلق قبول نتائج التقرير على قدرته على ذكر هذه الحقيقة، و أن هناك مساجد هدمت رغم كونها مرخصة. و لكنني أتمنى أن يكون تقريرك نقطة لتجاوز أخطاءالماضي بعد تصحيحها.
قد يقول البعض يا سيد بسيوني و لماذا ذكر هذا الأمر دون انتهاكات المعارضين، فأقول لهم، وثقوها و ارفعوها للجنة و كذلك ارفعوها للقضاء و خذوا حقوقكم بالقانون. و لكن هذه اللجنة المستقلة قد شكلت لإنصاف من لم يجد الإنصاف و لمن لم يستطع أن ينتصف بالقانون، و لكل من يقول أن أخطاء ممنهجة أو غير ممنهجة قد انتهكت حقوقه.
لا أحد يحسد اللجنة و رئيسها و أعضاءها لأن الجميع ينتظر ما يرضيه، و حتى لو تمكنت اللجنة من أن تحقق شيئاً من الإنصاف فهي لن ترضي أحداً إلا إذا استطعنا تحويل ما تخرج به إلى معطيات تمكننا في المضي لبناء البلد من جديد عبر إصلاحات كبيرة و شاملة.
آخر الوحي:
أضحى التشاؤم في حديثك بالغريزة و السليقة
مثل الغراب نعى الديار فأسمع الدنيا نعيقه
تلك الحقيقة و المريض القلب تجرحه الحقيقة
أمل يلوح بريقه فاستهد يا هذا بريقه
ماضاق عيشك لو سعيت له ولو لم تشك ضيقه
إبراهيم طوقان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق